أي أنه يؤخذ بما فى الآية، وبما جاءت به السنة، مكملا لها زائدا عليها، وهذا وذاك واجب فى الوضوء.. فكان غسل الرجلين (الذي هو زائد على المسح) واجبا..
فابن «حزم» يأخذ الحكم بوجوب غسل الرجلين من هذا الخبر الذي يروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ويجعل هذا الخبر ناسخا لحكم المسح الذي فهم الآية الكريمة عليه. وكان الأولى من هذا، ألا يضع الآية تحت حكم النسخ، بل أن يجعل هذا الخبر شارحا لمعناها على الوجه الذي فهمها عليه أكثر المفسرين والفقهاء والنحاة، وهو أن قوله تعالى:«وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ» حكم مستقل، معترض بين ما سبقه وما تقدمه، وأن قوله سبحانه:«وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ» معطوف على قوله سبحانه: «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ» ... وفى هذا صيانة للكتاب من تسليط خبر لم يبلغ حدّ التواتر فى نقض حكم من أحكام القرآن.
ثم ماذا لو نظرنا فى الآية الكريمة نظرا لا يخضعها لأحكام النحو، ولا يقيمها على موازين قواعده؟ وماذا لو أخذنا من الآية الكريمة لمحة من لمحات إعجازها، فقلنا إن فى هذا الوضع الذي اتخذه حكم «الرّجلين» فى الوضوء ما يسمح بأن يعطى الرجلين حكما وسطا، يجمع بين المسح والغسل؟ .. بمعنى أن يكون المسح عاما شاملا من باطن وظاهر.. إلى الكعبين، وأن يسيل الماء منهما حتى لكأنه الغسل، وأن يكون الغسل شيئا قريبا من المسح، بلا تدليك، ولا تخيل أصابع.. فهو مسح كالغسل، وغسل كالمسح..
وفى هذا ما يتفق مع يسر الشريعة، وتخفيفها على العباد، وخاصة فى الأحوال التي يشتد فيها البرد، أو يقل فيها الماء.. وذلك مما يدخل الطمأنينة فى شعور المتوضئ أنه أدّى الواجب إذا غسل رجليه هذا الغسل الخفيف، وأنه يدخل