المشركين.. فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وبدأ دعوته بعشيرته الأقربين امتثالا لقوله تعالى «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ»(٢١٤: الشعراء) وحين سبق إلى الإيمان به نفر من قومه، تردد اليهود وتوقفوا، ثم لما أن سبقهم الأنصار من الأوس والخزرج إلى الإيمان، تنمّروا وتنكروا، وأخذوا يمكرون بالدعوة الإسلامية، ويظاهرون مشركى قريش عليها، إذ أن سبق من سبق من المهاجرين والأنصار قد فوّت عليهم الاستيلاء على الدّعوة وحجزها فى محيطهم وحدهم دون الناس، لأنهم يريدون أن يستولوا على كل شىء، ويستأثروا بكل شىء، فإن كان أمر لأحد معهم فيه نصيب أعلنوا الحرب عليه، وحاولوا إفساده بكل سبيل، حتى لا ينتفع به!.
ولهذا تشوه دعوة الإسلام فى أعينهم ويتحول الحق الذي عرفوه إلى باطل، يأتمرون به ويحاربونه، سرا وجهرا.
وقد سجّل الله سبحانه وتعالى عليهم هذا الموقف اللئيم فى قوله سبحانه:
إن الحسد ليأكل صدورهم، وإن الشّره ليعمى أبصارهم، حتى إنهم ليهلكون أنفسهم، ويحرمونها موارد الخير، لأن غيرهم قد سبقهم إلى هذا الخير ونال منه. وهو خير لا ينفد أبدا، يسع الناس جميعا، ومع هذا فهم يريدونه خالصا لهم من دون الناس، لا ينال أحد شيئا منه.. وقد غضب الله عليهم غضبا بعد غضب، غضب عليهم أولا، لأنهم عرفوا الحق ولم ينصروه، بل خذلوه ومكروا به وحاربوه.. وغضب عليهم ثانيا، لأنهم نقضوا الميثاق