للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأولا: الردّ الذي ردّ به القوم على هذه الدعوة، وهو ما جاء فى قوله تعالى: «قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ» .. فلو أن هذين اللذين دعواهما بقولهما: «ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ» - لو أنهما كانا غير موسى وهرون لما كان ردهم موجها إلى موسى.. بل كان يكفى أن يقولوا: «لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها» ..

وأمّا أنهم واجهوا موسى بهذا الردّ، ولم يوجهوه إلى موسى وهرون معا، فلأن موسى كان هو رجل الموقف، وهرون كان ظهيرا له..

وثانيا: ما جاء فى قوله تعالى على لسان موسى: «قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ» .. وهذا القول من موسى قاطع بأنه لم يكن فى القوم من استجاب له غير أخيه هرون.. وإذن فهو وهرون جبهة، والقوم جميعهم جبهة أخرى.. ولو أنه كان هناك فى جبهة موسى وهرون غيرهما لما قال هذا القول: «لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي» إذ هو يملك- غير نفسه وغير أخيه- هذين الرجلين اللذين قيل عنهما إنهما قالا هذا القول.

وثالثا: فى قوله تعالى: «قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ» - أكثر من إشارة:

فالذين يخافون هم القوم كلهم، وبلا استثناء أحد.. والمعنى على هذا هو كهذا: قال رجلان من القوم الخائفين، وهذان الرجلان قد أنعم الله عليهما فعافاهما من هذا الخوف: اللذى لبس القوم واستولى عليهم.. وفى هذا تعبير للقوم، واحتقار لهم، وإزراء عليهم، ووصمهم جميعا بهذا الداء الذي لا يزايلهم أبدا.. داء الجبن والخوف من كل شىء.

ثم إن فى قوله تعالى: «فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ» هو وعد مؤكد

<<  <  ج: ص:  >  >>