يقول المفسرون لهذه الآية: إن الله بعث بين يدى قابيل غرابين، اشتبكا فى صراع، فقتل أحدهما الآخر، ثم حفر له حفرة فواراه فيها، فعجب قابيل لهذا، ورجع على نفسه باللائمة أن عجز عن أن يفعل ما فعل الغراب إذ وارى جثة قتيله.. ومن هذا العمل الذي عمله الغراب أخذ قابيل بما دلّه عليه الغراب، فحفر لهابيل حفرة، وأودعه فيها! وممكن أن يقع الأمر على هذه الصورة، إذا جعلنا فى الحساب ما يقول به المفسرون من أن هذا كان أول قتيل من بنى آدم، وأنه لم يكن مما علمه أبناء آدم كيف يفعلون بموتاهم أو قتلاهم..
ولكن لنا على هذا اعتراضات:
أولها: أننا لا نسلّم بأن هذه الحادثة كانت أول حدث يقع بين ولدين لآدم.. إذ أن لنا فى آدم مفهوما غير هذا المفهوم الذي يرى أن آدم كان سماوىّ المولد، وأنه خلق ابتداء على صورة الإنسان هذه.. ولو سلّمنا بهذا فإنّا لا نسلم بأن هذا النزاع كان أول نزاع وقع فى الأرض، وأنه كان بين ابني آدم، الأب الأول للإنسانية كلها..
وثانيها: أننا إذا سلمنا بأن هذا القتيل كان أول قتيل فى الأرض- فكيف تكون عملية القتل وإزهاق الروح معلومة لابن آدم هذا؟ وكيف يتوعد أخاه ويتهدده بقوله:«لَأَقْتُلَنَّكَ» ؟ كيف يقول هذا وهو لا يعرف القتل، بل ولا يعرف الموت بعد؟ ولو عرفه لعرف- تبعا لهذا- الأسلوب الذي يتخذ مع الموتى أو القتلى، بعد موتهم أو قتلهم!!