وفى قوله تعالى:«وَالصَّابِئُونَ» بالرفع. بعد قوله تعالى:«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا» ما يشعر باختلاف النسق فى النظم، إذ عطف المرفوع على المنصوب.. وكان نسق النظم يقضى بأن يجىء هكذا:«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى» .. كما تقرر ذلك قواعد النحو، ومقولات النحاة.
وهذا أمر قد وقف عنده المفسّرون، وأكثروا وجوه القول فيه، والتخريج له، ليقيموا الآية الكريمة على أصول النحو وقواعده.
فقال قائل: إنه بعد أن طال الفصل بين إنّ وواو العطف فى «والصابئون» ضعف عمل إن فيما بعد الواو، وصارت الواو أشبه بواو استئناف..!!
وقال آخر: إن «الواو» واو استئناف فعلا، وذلك باعتبار أنها متأخرة على قوله تعالى:«وَالنَّصارى» .. أي أن المعنى هكذا: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم، والصابئون كذلك.!!
وهذه التخريجات، وإن أرضت النحاة، وسوّت حسابهم مع قواعد النحو، إلا أنها تذهب بكثير من روعة النظم القرآنى، وتخفت كثيرا من أضواء إعجازه.
والذي نراه فى الآية الكريمة، ونطمئن إليه، هو أن «والصابئون» معطوفة على الذين آمنوا، والذين هادوا، كما أن لفظ «النصارى» معطوف عليها، وأنها جميعا واقعة تحت حكم إنّ المؤكدة للخبر، الواقع على هؤلاء المذكورين جميعا! ولكن كيف هذا؟ وعلى أي وجه كان؟