فى النبيذ قولا يخرجه به من الخمر، ويرفع عنه الحرمة المضروبة على الخمر، وأن أقصى ما يكون على شاربه أنه أتى فعلا مكروها إذا شرب حتى سكر.
أما الحرامان عند أبى حنيفة ومن تابعه فهما المدامة (أي الخمر المصنوعة من العنب) والسّكر، وهى الخمر المصنوعة من التمر، فما خمّر من تمر وعنب فهو الخمر، وهو الحرام قليله وكثيره، أسكر أو لم يسكر، أما ما خمّر من غير العنب والتمر، فهو نبيذ- وقد عرفنا رأيه فيه.
وأما الشآمى الذي يشير إليه الشاعر، فهو مالك وأصحابه، ومالك يحرّم النبيذ من أي شىء كان، إذا أسكر كثيره فقليله حرام، وهى الخمر التي حرمها الله..
والشاعر يرى بين يديه رأيين مختلفين فى النبيذ.. وكل رأى هو قول لإمام من أئمة الشريعة.. ولا على الشاعر أن يأخذ برأى أبى حنيفة فى النبيذ!! وهذه كلها مما حكات، تفسد على المرء رأيه، وتشرّد مجتمع عزيمته، وتقيمه من هذا المنكر بين الشك واليقين.. إذ ينظر فيرى وجوها من الخلاف فى أمر لا خلاف فى أنه منكر، وقد جاء القرآن الكريم صريحا قاطعا بتحريمه:
«إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه» وجاءت السنة المطهرة تحكم هذا الحكم المحكم، فيقول النبي الكريم:
«كل مخمّر خمر، وكلّ مسكر حرام، ومن شرب مسكرا بخست «١» صلاته أربعين صباحا.. فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة كان حقّا على الله أن يسقيه من طينة الخبال، قيل وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار»
(١) ومعنى بخست صلاته: أي كانت ناقصة، ولم يؤت أجرها كاملا.