وقد يراد بالمؤمنين من هم فى البيت الحرام.. ويكون المراد بالصيد ما احتمى بالبيت الحرام من طير، وحوّم فى سمائه.
وقوله تعالى:«تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ» أي تطوله وتبلغه أيديكم ورماحكم، أي هو صيد واقع تحت قدرتكم على صيده من غير معاناة، أو بحث عنه، إذ هو قريب دان، يغرى بصيده.
ومعنى الآية: أن الله- سبحانه وتعالى- سيضع المؤمنين موضع امتحان وابتلاء، فى هذا الصيد الذي يدنو منهم، ويعرض لهم، ويقع فى متناول أيديهم، ورماحهم، وهو لائذ بالحرم، ساكن إليه أو هو فى غير هذا الحمى، وهم محرمون بالحج أو العمرة.
وقد حرّم الله على المؤمنين صيد هذا الحيوان المتعرّض لهم، الواقع لأيديهم مباشرة، أو على قيد رمح منهم- وهو لائذ بالحرم، أو هو خارج الحرم وهم محرمون، فمن صاد شيئا من هذا الحيوان، وهو فى حاله تلك، أو هم فى حالهم هذه، فقد أثم، وخان الله على ما أتمنه عليه من أحكام شرعه.
وقوله تعالى:«لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ» إشارة إلى أن هذا الامتحان هو امتحان لما فى القلوب من إيمان وتقوى وإحسان.. حيث لا وازع يزع الإنسان هنا إلا إيمانه وتقواه.. فلا سلطان يحول بين المؤمن وبين هذا الصيد الذي بين يديه.. فمن غفل فى كيانه وازع إيمانه وتقواه كان له أن ينال من هذا الصيد ما يشاء، وعليه أن يلقى العقاب وأصوله.
ومعنى علم الله هنا، هو العلم المسلط على الواقع بعد أن يقع، أما علمه سبحانه، فهو علم شامل محيط بكل ما كان وما سيكون، وما وقع أو سيقع..