لم تكن لتغسل هذا الدّم الذي أريق، فمازال عالقا بمن أراقه بعض الإثم، ولهذا جاء التعبير القرآنى- فى أعقاب تقديم هذه القربات- بهذا اللفظ المؤذن بأن تلك القربات كانت ضربا من العقاب والنكال لمن قدمها:«لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ..» .
وثانيا: أن الشريعة هنا لم تعف القتل الخطأ من إلحاقه بالعمد، وأخذ القاتل خطأ بما أخذ به القاتل عمدا..
وفى ذلك ما يشعر بأن القاتل عمدا هنا أشبه بمن قتل نفسا مؤمنة عمدا، وأنه إذا كان قد أخذ بما أخذ به القاتل خطأ، فذلك من فضل الله ورحمته بعباده..
فالشريعة الإسلامية قد رفعت الإثم عمّا وقع من المسلم خطأ من المنكرات.
ولكنها فى باب الدماء، قد جعلت للخطأ وضعا خاصا، فلم تعف الذي قتل نفسا خطأ من الأخذ بشىء من العقاب، صيانة لدم الإنسان، وتكريما له أن أن يذهب هدرا من غير حساب..
«وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا»(٩١: النساء) وقد ألحق الحيوان اللائذ بحمى الله، بالإنسان.. وفى ذلك ما يوقع فى نفس المسلم كثيرا من التأثم والتحرج لأيّة قطرة دم تراق بغير حقّ، ولو كانت دم حيوان! ثالثا: فى التعبير عن صيد الحيوان «بالقتل» فى قوله تعالى: «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ» -- فى هذا ما يشعر بأن عملية الصيد فى هذا الموطن، وفى تلك الحال هى عملية «قتل» .. تلك الكلمة التي تثير فى النفس مشاعر القتل الذي يقع على