للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذه الآية، ومكر بها.. بل هو استبعاد لأن يقع شىء من هذا منهم، وإن جاز أن يقع من غيرهم.. وأنه لو جاز أن يكفر أحد من الحواريين بهذه الآية فإنه سيلقى هذا العذاب.. فكيف يكون العذاب لمن كفر من غيرهم؟ وهذا أسلوب من أساليب القرآن فى مخاطبة من يستبعد منهم فعل منكر، ليكون ذلك تخويفا لغيرهم، وزجرا لهم عن إتيان هذا الإثم..

يقول تعالى مخاطبا نبيّه الكريم: «لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ» (٦٥: الزمر) .

ويقول سبحانه وتعالى مشيرا إليه صلى الله عليه وسلم: «وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ» (٤٤- ٤٧: الحاقة) .

والنبي الكريم أبعد من أن يطوف به طائف من الشرك، وأبعد من أن يتقوّل على الله قولا.. إن ذلك كان أمرا مستحيلا بالنسبة لذاته الكريمة.. ولكنّ المقام مقام تحريم الشرك والتشنيع عليه، فناسب أن يبرز فى تلك الصورة المفزعة التي تحبط كل عمل، ولو كان نبيّا كريما من أنبياء الله، ورسولا مجتبى من رسله.. فكيف غير النبىّ وغير الرسول! وكذلك الأمر فى التقول على الله والافتراء عليه.

وفى قوله تعالى على لسان السيد المسيح: «تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا» أي ينال منها، ويسعد بها كلّ من اتبعه، وآمن به، واجتمع إليه، لا الحواريون وحدهم الذين كان منهم هذا الطلب ابتداء- فهى رحمة منزلة من السماء، ونعمة محمولة على جناح الرحمة، ينال منها كل من صدّق بصاحب هذه الدعوة، واتبع سبيله، من أقرب المقربين إليه، إلى من هم أبعد منهم صلة به.

<<  <  ج: ص:  >  >>