للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليهودي، ولذلك كان من البديهي أن يظهر المسيح بوصفه «الله المتأنّس» ، بين اليهود لأنهم أقرب الناس إلى الإيمان به «١» ! .. وكان من البديهي أيضا أن يظل بينهم حتى يعرفوه حق المعرفة، ويؤمنوا به كل الإيمان، ولكن لما رفضوه على الرغم من الأدلة الكتابية والاختبارية التي تثبت حقيقة ذاته «٢» - اختار من بينهم أشخاصا كانوا أكثر استعدادا من غيرهم لمعرفته والتوافق معه، وقضى مدة طويلة فى تدريبهم وتعليمهم «٣» ، حتى عرفوا بعد قيامته من بين الأموات حقيقة ذاته كل المعرفة «٤» ، ثم كلفهم بعد ذلك أن يحملوا رسالته، ليس إلى اليهود وحدهم، بل إلى كل الأمم (متى ٢٨: ١٨) [وهذا يناقض ما نطق به المسيح: «إلى أمم لا تمضوا: [متى ١٠: ٥] «وإذا أضفنا إلى هذا: (أولا) أن فلسطين التي ظهر فيها المسيح لم يره كل شخص من سكانها، بل إن كثيرين لم يروه إطلاقا، وأنه لو كان قد انتقل إلى كل بلاد العالم لكان كثيرون أيضا من سكانها لا يرونه. و (ثانيا) أن معرفة الله فى المسيح لا تتوقف على رؤية العين، بل على الإيمان به بالقلب، وفى هذه الحالة يستوى الذين رأوه والذين لم يروه، إذا كانوا قد


(١) وشاهد هذا أنهم كذبوه، وبهتوه، وطعنوه فى شرف مولده، وفى عفة أمه.. ثم ساقوه إلى الصلب، فصلبوه!! كما يقولون.
(٢) ومفهوم هذا أن الله قدر فلم يحسن التقدير، واختار فلم يحسن الاختيار، وهل يكون «الله» الذي يلبس ثوب الإنسان، ويضع نفسه فى إهابه منزها عن هذا النقص؟
(٣) انظر إلى «الله» هذا الذي يعانى ما يعانى فى تعليم الناس وتدريبهم..
أهو يخرج عن طبيعة البشر العاجزين الضعفاء؟
(٤) انظر كيف عجز «الله» هذا، عن أن يعرف نفسه للخاصة الذين اختارهم من بين البشر إنه لم يستطع أن يعرفهم به إلا بعد أن مثل أمامهم عملية الموت فى نفسه، فمات، وقبر، ثم قام من الأموات!

<<  <  ج: ص:  >  >>