واحد، وطريق واحد.. من قصد وجها غير وجهه ضل، ومن سلك طريقا غير طريقه هلك.
هذا بعض ما ينكشف من قدرة الله، وعلمه وحكمته، فيما تعرضه كلمات الله:«خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ» .
وقد كان جديرا بالإنسان، وقد منحه الله نظرا يبصر، وأذنا تسمع، وعقلا يعقل ويدرك، ومشاعر تتأثر وتنفعل- كان جديرا به أن يرى الخالق فى هذه الأكوان التي أبدعها، وفى هذا الوجود الذي أقامه، ولكن كثيرا من الناس يذهله اشتغاله بنفسه، وبدواعى نزعاته وأهوائه، عن أن يفتح قلبه لهذا الوجود، ولذلك فهو يعيش مغلقا على نفسه، مقوقعا فى ظلمات جهله وسفهه..
وكثير من الناس أيضا، يرى، ويبصر، ويعقل، ثم يركبه شيطانه، فيغمض عينه عما رأى، ويصمّ أذنه عما سمع، ويتهم عقله فيما عقل، وإذا هو ممن يمكرون بآيات الله، ويولّون وجوههم عن الله إلى آلهة اتخذوها، وأرباب صطنعوها وعبدوها..
«ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ» أي ثمّ بعد هذه الآيات البينات، يكون فى الناس من يكفر بالله، ويجعلون له أندادا، يسوّون بينهم وبينه، ويجعلونهم عدلا له وندا؟
وفى العطف بحرف «ثمّ» ما يشير إلى التهديد والوعيد لهؤلاء الذين كفروا بالله، بعد أن ملأ الله عليهم هذا الوجود بالآيات الناطقة بوجوده، الدالّة على كمال قدرته، وشمول علمه، وبسطة سلطانه.. ففى هذا العطف