فالخلق مرحلة من مراحل تطور الكائن البشرى.. خلق أولا، أي بدئ فى خلقه، ثم صوّر، أي تنقل من حال إلى حال، متصاعدا نحو الكمال، حتى إذا استكمل وجوده البشرى وصار إنسانا، كان خلقا آخر، وعالما غير العالم الذي جاء منه.. وهذا ما يدل عليه قوله سبحانه «يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ» ..
فهناك خلق، أي بدء خلق، فتعديل فى هذا الخلق، أي تطور وتنقل من حال إلى حال.. حتى بلغ الصورة التي شاء الله سبحانه وتعالى الوقوف بالإنسان عندها، وإخراجه عليها.
وقوله تعالى:«وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ» هو إشارة إلى الأجل الذي يعيشه الإنسان، كإنسان فى هذه الحياة.. والتقدير: وهناك أجل مسمى يقضيه الإنسان، هو مكتوب عند الله.
وهذا الأجل هو المحسوب على الإنسان، إذ فيه يكون أهلا للتكليف، والحساب والجزاء.. ومن هنا أضيف هذا الأجل إلى الله سبحانه وتعالى، وحسب أنه أجل مقضىّ عند الله، فيه يعرف الإنسان ربّه، ويتعامل معه..
وفى إضافة هذا الأجل إلى الله سبحانه، إشارة إلى أن الإنسان كائن مضاف إلى الله، إضافة تكريم، اختص بها من بين كثير من الكائنات، وهذا من شأنه أن يحمل الإنسان على أن يحثّ الخطا إلى الله، وأن يدنو منه، ويتعرف إليه، ويتعامل معه.. ليكون أهلا للإضافة إلى الله.. كما يقول سبحانه: