والإنسان فى نظرهم هو الإنسان.. سواء أكان ملكا تحوّل إلى إنسان أم كان إنسانا أصلا..
وإذن فالمشكلة قائمة عندهم، والشك منعقد عليهم.. لا يؤمنون برسول إنسان، ولن يكون الرسول إلا إنسانا منهم.
وقوله تعالى:«وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» هو مواساة للنبىّ الكريم، وعزاء له، مما يلقى من المشركين من عناد، وما يساق إليه منهم من ضر وأذى.. فتلك هى سبيل حملة الهدى من عباد الله.. فكم لقى رسل الله من أقوامهم من عنت وبلاء، حتى لقد قتل بعضهم، ومثّل به أشنع تمثيل.. ولكن العاقبة للحق والخير، والنصر لدعوة الحق والخير.. والويل والخذلان والخزي لأولئك الذين كذّبوا برسل الله وسخروا منهم واستهزءوا بهم.. «فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» أي أحاط بهم واشتمل عليهم استهزاؤهم وسخريتهم، فهذا الاستهزاء هو الذي أوردهم موارد الهالكين فى الدنيا، وأنزلهم منازل أصحاب النار فى الآخرة.
فإن شك هؤلاء المكذبون، المستهزءون بآيات الله وبرسول الله.. إن شك هؤلاء فى المصير الذي هم صائرون إليه، فلينظروا فيما كان لأمثالهم، الذين كذبوا بآيات الله وبرسل الله، «قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ» لقد أخذهم الله بكفرهم وعنادهم، وأرسل عليهم الصواعق، وصبّ عليهم البلاء، وإذا هم فى لحظة خاطفة جثث هامدة، وأشلاء ممزقة.. وإذا هم صائرون إلى مصير يلقون فيه العذاب الأليم.. «وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ» .