أسلوب معيشته، وتوالده، وصلات أفراده بعضها ببعض أو صلاته بالقريب والبعيد منه من أجناس الحيوان- أشبه بنظام المجتمع الإنسانى.
فكما أن الناس يمسكهم نظام، ويضبط حياتهم سلوك، وتربط بينهم عادات، وتحكمهم قوانين، فكذلك كل جنس من أجناس الحيوان، وكل نوع من أنواعه.. له عالمه الذي يعيش فيه، وله تقاليده، وعادانه، ولغته التي يتفاهم بها، وله سلطانه الذي يأخذ به الخارجين على نظام الجماعة، المتمردين على أوضاعها المستقرة فيها..
وفى قوله تعالى:«وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ» - ما يسأل عنه:
لماذا كان ذكر الجناحين هنا، مع أن الطائر لا يطير إلا بجناحيه؟ وهل هناك طائر يطير بغير جناحين؟ وإذا كان من الطير ما يطير بلا جناحين، فهل يخرج من هذا الحكم الذي قضى الله به على الدواب والطير؟
والجواب على هذا، هو أن أجناس الطير كثيرة، متفاوتة القدر، مختلفة الحجم والصورة، من النّسر، والصقر، إلى البعوضة، والذرّة.. وكلها ذات جناحين تطير بهما، ومن هذه الطيور ما لا ترى العين جناحيه، ولا يكاد يتصور العقل أنه يحمل أجنحة، وفى ذكر القرآن للأجنحة التي لكل طائر، ما يدعو الإنسان إلى إعادة النظر وإمعانه فى هذه المخلوقات الضئيلة، وفى دقة تركيبها، وروعة بنائها، وأنها- على صغر جرمها- عالم متكامل، فى تكوينه، قد أودعت يد القدرة فيه من الأجهزة، والحواس، ما أودعته فى أرقى الكائنات الحية، من قوى، ومشاعر، ومدركات..
وفى القرآن الكريم كشوف رائدة، رائعة، عن عالم الحيوان، وما أودع الخالق العظيم فيه من قوّى وأسرار، لا تقلّ روعة وإحكاما، عما فى الإنسان،