للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شأن الإنسان أن يستكثر من الفضائل التي تضاف إليه، فإذا لم يتحدث بها هو عن نفسه دعا الناس إلى أن يتحدثوا بها عنه، فإذا تحرّج من هذا، لم يتحرج مما يراه الناس فيه ابتداء، من غير أن يحملهم عليه..

وهنا نجد الرسول الكريم يعرض نفسه على قومه، نازعا عنه كل تلك الأثواب الفضفاضة، التي يلبسونها إياه، من نسج خيالاتهم وأوهامهم، مجرّدا من كل قوة إلا قوة إيمانه بالله، واستقامته على الحق الذي يدعو إليه.

فالنبىّ لا يملك للناس سعة فى الرزق، لأنّه يرزق مثلهم، ولا يرزق غيره:

«لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ» فخزائن الله الله، يعطى منها ما يشاء لمن يشاء!.

والنبىّ لا يعلم الغيب، ولا يدرى ما يطلع به يومه، أو غده، عليه أو على الناس، مما يحمد أو يسوء.. فعالم الغيب والشهادة هو الله وحده.

والنبىّ.. بشر من البشر، وإنسان من الناس، هو مثلهم، مقيّد بقيود هذا الجسد البشرى، وليس هو ملك من ملائكة الرحمن يستطيع أن يفعل مالا يفعله الإنسان، من خوارق ومعجزات.

والنبىّ ملزم بالوقوف عند حدود رسالته، يبلغها كما أنزلت إليه، لا يزيد عليها شيئا، ولا ينقص منها شيئا.. «إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ» .

وهذا الإقرار من النبي، والاعتراف على نفسه هذا الاعتراف الواضح الصريح، هو دليل من أدلة النبوة، وآية من آيات صدق النبىّ، وأنه مأمور بأن ينقل إلى النّاس ما يوحى إليه من ربّه، ولو كان أمرا متعلقا به، فى خاصة نفسه، أو أهله..

وقوله تعالى: «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ» هو تعقيب على هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>