للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله سبحانه «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ» أي أن إلى الله سبحانه مرجع هذا الذي تستعجلون به من عذاب، إن شاء عجّل لكم العذاب، وإن شاء أخره، وإن شاء رحمكم وأخذ بكم إلى طريق الهدى.. أما أنا فلا أملك من هذا كله شيئا.. «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ..» «يَقُصُّ الْحَقَّ» أي يقضى به، «وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ» فما قضى به فهو الخير كله، وهو العدل كله.

وقوله تعالى: «قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ» إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان فى يده هذا المقترح الذي يقترحونه عليه، ليكون آية صدقه عندهم، لجاءهم به، ولأرسل عليهم العذاب الذي طلبوه، ولقضى الأمر بينه وبينهم، ولم يعد ثمّة جدال، أو خلاف.. ولكن الأمر بيد الله، وهو حكيم حليم، لا يعجّل لكم ما تطلبون، مما فيه هلاككم، وقد اقتضت حكمته أن يمهلكم، فلعل فى امتداد الزمن بكم ما يفسح المجال أمام الكثير منكم، ليهتدى، ويؤمن بالله، ويفوز برضوانه..

فكل يوم يمر بكم دون أن يأتيكم هذا العذاب الذي تطلبونه، هو رحمة من الله بكم، ودعوة مجدّدة منه سبحانه إليكم، أن ترجعوا إليه، وتؤمنوا به، وتكونوا فى عباده المخلصين.. وهذه فرصتكم.. إن أفلتت منكم فلن تعود أبدا.

وقوله تعالى: «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ» تهديد ووعيد لهؤلاء الذين أمهلهم الله، ولم يعجل لهم العذاب، ليصححوا عقيدتهم، ويرجعوا إلى ربهم.. ولكن الظالمين ظلوا على عتوّهم، وكفرهم، وعنادهم.. والله عليم بهم، وسيأخذهم بذنوبهم: «يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا» ..

<<  <  ج: ص:  >  >>