للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما جمع فى الحياة الدنيا، من مال، وما استكثر من متاع، وما اتخذ من أخدان وخلّان..

وفى قوله تعالى: «خَوَّلْناكُمْ» تذكير لهم بأن كل ما كان لهم فى هذه الدنيا هو مما لله عندهم، فهو الذي خوّلهم أي أعطاهم هذا الذي كان لهم، وهم يحسبون أن ذلك كان من صنع أيديهم، ومن معطيات حولهم وحيلتهم.

وقوله تعالى: «وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ» هو تنبيه لهؤلاء الغافلين، وإلفات لهم أن يخرجوا من هذا الوجوم الذي هم فيه، ومن تلك السّكرة المستولية عليهم، حتى يديروا أنظارهم إلى ما حولهم، ليبحثوا عن معبوداتهم التي كانوا على ولاء لها، واطمئنان بها.. يفزعون إليها فى كل شدّة، ويهرعون إليها عند كلّ ملمّة. وهذه هى ملمة الملمات، وشدة الشدائد..

فأين هؤلاء الشفعاء؟ وأين ما كان يرجى منهم عند كل بلاء؟ .. فليدعوهم.

فليجيئوا لهم.. إن كانوا صادقين! إنه لا شىء هنا، إلا الوحشة المطبقة، والحسرة القاتلة، والخسران المبين..!

فهذه الأبصار الزائغة، التي تدور هنا وهناك تبحث عن هؤلاء الشفعاء، لا تلبث أن تغيم الرؤية عليها، فلا ترى شيئا مما حولها من شفعاء أو غير شفعاء.. وهنا يدخل على الظالمين من أسماعهم، صوت الحق، يجيئهم بجواب ما كانوا يبحثون عنه: «لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ» .

وفاعل الفعل «تقطع» محذوف دلّ عليه السياق.. ومن السرّ فى حذفه أنه أكثر من فاعل.. فالذى «تقطع» بين الظالمين وبين ما كان لهم، هو أكثر من أمر..

لقد تقطع ما بينهم وبين ما كان لهم من مال وبنين، وتقطع ما بينهم وبين ما كان لهم من آلهة اتخذوهم شفعاء لهم عند الله. وتقطع ما بينهم وبين كل

<<  <  ج: ص:  >  >>