وقوله تعالى:«ذلِكُمُ اللَّهُ» إشارة إلى الله، سبحانه، وأنه هو الإله الحق الذي لا ينبغى لعاقل أن يتخذ إلها غيره.. فذلكم هو الله، وتلك هى بعض آثار قدرته.
وقوله سبحانه:«فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» إنكار على هؤلاء الضالين، أن يكون لهم متجه غير الله، ثم هو دعوة مجدّدة لهم أن يتركوا هذا الطريق الآثم الذي هم فيه، وإلا كانوا فى الهالكين.
والإفك، هو الباطل والبهتان، والميل عن طريق الحق إلى الضلال.
قوله تعالى:«فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً» هو استمرار لعرض آيات من قدرة الله، حتى إذا كان هناك من تنبّه من غفلته من هؤلاء الضالين، بعد أن رأى ما رأى من آيات الله فى خلق الحب والنوى، وخلق الحىّ من الميت، والميت من الحىّ، وبعد أن نبهه صوت الحقّ إلى ما هو فيه من ضلال وغفلة- إذا كان هناك من تنبّه لهذا، وجد بين يديه هذا النور الذي يكشف له معالم الطريق إلى الله، فيما يشهد من آثار صنعته فى هذا الوجود..
وفى قوله تعالى:«فالِقُ الْإِصْباحِ» مقابلة بين فلق النواة التي تخرج منها أجنّة الحياة ومواليدها، من عالم النبات، وبين فلق الإصباح، أي الصبح الذي يتفتق من تفتّقه الحياة، التي يستولى عليها سلطان النهار، ويغذيها ضوء الإصباح.. فهذه الكائنات المتحركة فى ضوء الإصباح، والمنتشرة على بساط ضوئه فى النهار، هى المواليد التي تفتح عنها الضوء، وبعث فيها الدفء والحياة، كما يتفق الحبّ والنوى عن هذه الحياة التي تتمثل فى عالم النبات.
وقوله تعالى:«وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً» هو فى مقابل: «وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ»