بعضا، ويسبّ بعضهم بعضا.. وهنا يجدها المشركون فرصة للتعدّى على الله، والتطاول على ذاته الكريمة، وكان ذلك أشدّ ما يصيبون به المسلمين فى مشاعرهم، لما لله سبحانه وتعالى فى أنفسهم من تعظيم وتوقير، ولما يعلمه المشركون من تعلّق المسلمين بالله، وحبّهم له، ورعايتهم لأوامره ونواهيه..
وليس كذلك شأن المشركين مع آلهتهم التي لا ينظرون إليها تلك النظرة الخاشعة، التي ينظر بها المسلمون إلى الله، ولا يرون فى آلهتهم ما يرى المسلمون فى الله، من قدسية، وعظمة، وجلال.
وقد تنبّه العقلاء إلى مثل هذه الحال، فبعدوا بأنفسهم عن تلك المواطن التي يقفون فيها مع السفهاء موقف الخصومة والتلاحي، لأن السفيه الساقط المروءة، يجد فى التطاول على أهل الحكمة وأصحاب الشأن فى الناس فرصته، فى الاستعلاء بنفسه، حين يكون هو ومن فوقه فى منزلة سواء.. وفى هذا يقول الشاعر:
بلاء ليس يعد له بلاء ... عداوة غير ذى حسب ودين
يبيعك منه عرضا لم يصنه ... ليرتع منك فى عرض مصون
فإذا سبّ المشركون الله فى مجلس من مجالسهم مع المسلمين، شعروا أنهم أصابوا من المسلمين مقتلا، وإذا سبّ المسلمون آلهتهم لم يكن فى ذلك ما يزعجهم أو يقلقهم، وإن يكن شىء من ذلك فهو شىء قليل لا يكاد يحسّ له أثر! شأن الخسيس يتطاول على الكريم، فإذا ناله الكريم بأذى لم يتأثر له.
أي ولا تتعرضوا للآلهة الذين يدعوهم المشركون من دون الله، فيسبّوا الله عدوا، أي أنهم يسرعون إلى سبّ الله، ويجدونها فرصة لهم لينالوا منكم بالتعرض بالسبّ لأقدس المقدسات، وأكرم الحرمات عندكم..