للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا (٩٠- ٩٢: الإسراء) .

هذه هى بعض الآيات التي أقسموا بالله جهد أيمانهم- أي قسما مؤكدا بكل المؤكدات- لو جاءتهم آية منها ليؤمننّ بها، ويتخذونها دليلا على صدق النبىّ! وقوله تعالى: «قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ» هو ردّ من الله تعالى عليهم، أمر النبىّ الكريم أن يلقاهم به.. فإنه- أي النبىّ- لا يملك من تلك الآيات شيئا، وإنما هى من الله سبحانه وتعالى، ينزّلها بقدر، وتدبير وحكمة، على من يشاء، متى يشاء.

وقوله سبحانه: «وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ» هو التفات للمؤمنين الذين سمعوا الجواب الذي أجاب به النبىّ على ما يقترحه المشركون عليه من آيات.. وفى هذا الالتفات ردّ على تطلّعات بعض المسلمين الذين كانوا يتوقعون أن يجىء النبىّ بمثل هذه الآيات، ليقطع على المشركين حجتهم، ولينهى الخصومة التي بينه وبينهم، وبهذا تنطفىء نار الشرّ المحتدم بينهم وبين المؤمنين، حين تدخلهم تلك الآية فى دين الله، ويكونون من المؤمنين.

وقد كشف الله سبحانه وتعالى فى هذا الردّ عن طبيعة هؤلاء المشركين، وأنهم ليسوا طلاب هدى يملأ صدورهم طمأنينة وإيمانا، ولكنهم أصحاب هوى، وأتباع ضلال، لا يريدون بهذه المقترحات التي يقترحونها إلّا اللجاج فى العناد، والضلال.

وفى قوله تعالى: «وَما يُشْعِرُكُمْ» إشارة إلى أن ما بالمسلمين من أمر هؤلاء المشركين فى هذا الموقف، هو مجرد مشاعر وأحاسيس، وليس إدراكا،

<<  <  ج: ص:  >  >>