وما ظنّك بقضية يكون العبد فيها خصما لربّه، أو محاجّا لخالقه؟ إنها حينئذ تكون قصية شائكة محرجة.. فيها لجاجة وخروج على مقتضى العبودية..
فيها تجديف وضلال، وفيها مزالق وعثرات! ونعم.. الطريق شائك، ملىء بالمزالق والعثرات.. ولكن هيهات أن يمسك الإنسان نفسه عن السير فيه.. فإن استطاع أن يمسك قلمه، أو لسانه، فإنه ليس بمستطيع أن يمسك زمام خواطره ووساوسه.. بحال أبدا..
أما والأمر كذلك، فخير للمرء أن يواجه المشكلة، وأن يقتحم عليها موطنها، قبل أن تفجأه على غرّة، وتهجم عليه على حين غفلة، فتنال منه، وتفسد عليه رأيه، أو تدخل الشك والوسوسة على عقيدته.
وأما وقد رضينا أن نواجه المشكلة، ونقتحم عليها حماها، فإنه يجب علينا أن نأخذ لها حذرنا وأسلحتنا.. شأن من يتهيأ لصراع عنيف، ويدخل فى معركة حاسمة..!
وزادنا فى هذه المعركة، هو إيمان بالله.. إيمان وثيق، لا تزعزعه الأعاصير العاتية، ولا تنال منه الأحداث المزلزلة.. وأمّا سلاحنا فهو عقل يقظ، وقلب سليم، ننظر بهما فى كتاب الله، وفى سنّة رسول الله، فى حدود ما وهبنا الله من استعداد فطرى، دون التطويح بالعقل، والشرود به فى مجال غير مجاله الذي خلق له..
ذلك هو زادى، وهذا هو سلاحى.. فإن أردت أن تصحبنى على هذا الطريق، فخذ من الزاد والسّلاح ما أخذت.. وإلا فأنصح لك أن تكون حيث أنت، ولا تصاحبنى.. وحسبك أن تعود أدراجك ونحن على أول الطريق، وأن تطوى هذه الصفحات، لتستقبل ما بعدها مما نحن بسبيله