للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى قضائه وقدره..

فمن مستسلم لحكمة الله وتدبيره، وقضائه فيه، مؤمن بأن ما أصابه من خير أو شر فهو بقضاء الله وقدره، راض بما قسم الله.. ومن متخبط متسخّط، يضيف إلى نفسه الأعمال الطيبة الناجحة، ويرمى القدر بما لا يرضيه وما لا يرضى عنه من الأعمال..

وقد كان إبليس- لعنه الله- أول من احتج «بالقدر» بعد أن عصى أمر ربه، فلم يسجد لآدم كما أمره، فلما حل غضب الله عليه، لم يرجع على نفسه باللأئمة، ولم يستشعر الندم فيتوب كما تاب آدم، بل غلبت عليه شقوته، فقال:

«رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ» .

وقد تلقى كثير ممن غلب عليهم الشقاء من بنى آدم، هذه الحجة الضالة، عن إبليس، فتخلّوا عن كل خير، وغرقوا فى كل ضلال، وبين أيديهم هذه الحجة الخادعة، التي يرددونها عند كل قولة ناصح، ينصح لهم، ويدعوهم إلى الإيمان والهدى، فيقولون ما حكاه الله عنهم فى قوله تعالى: «لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ» (٣٥: النحل) وقوله: «سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا» (١٤٨: الأنعام) وقوله سبحانه: «وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ» (٤٧ يس) انظر كيف يفترون على الله الكذب؟ يؤمنون بقضائه وقدره، ويحتجون بمشيئته، ثم يكفرون به؟

فالذين يحتجون بالقدر هذا الاحتجاج، لا يؤمنون بالله، ولو آمنوا بالله لآمنوا بقضائه وقدره، ولامتثلوا أوامره، واجتنبوا نواهيه..

<<  <  ج: ص:  >  >>