قوله تعالى:«وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ» أي أن أهل الكتاب، من اليهود والنصارى، يعلمون أن هذا القرآن هو من عند الله، وأنه هو حق منزّل من رب العالمين..
وقوله تعالى:«فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ» استبعاد للنبى الكريم أن يكون من هؤلاء الذين يشكّون فى آيات الله فيجادلون فيها، ولا ينزلون على أحكامها. والمراء، والامتراء: الجدل العقيم، القائم على الهوى.
قوله تعالى:«وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا» .. كلمة الله هى كلمات الله، وآياته المنزلة على النبىّ، وتمت، أي استوفت غاية الكمال والتمام من الصدق والعدل.. أي أن آيات الله التي تلقاها النبىّ من ربّه، هى الغاية فيما هو صدق، وفيما هو عدل.. فكل ما جاءت به كلمات الله هو الصدق المطلق، الذي لا يشوبه كذب أبدا، ولا يأتيه باطل أبدا، وكل ما جاءت به كلمات الله هو العدل.. العدل المطلق، الذي لا يخالطه ظلم، ولا يعلق به جور.. وهى إذ استوفت الحقّ كله، واستولت على العدل جميعه، فلن يلحقها تبديل، ولا يصيبها عارض من عوارض التحريف، لأن تلك العوارض إنما تجد لها طريقا إلى ما كان فى أصله نقص أو خلل، أما ما على الصحة التامة، والسلامة المطلقة، فلن تسكن إليه آفة، أو تمسه علّة.. وإذا كانت آيات الله على هذا التمام والكمال، فهى قائمة بسلطانها على الحياة، لا تنقضها المعارف التي تجدّ، ولا تنسخها الكشوف العلمية التي تقع.
قوله تعالى:«وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» أي الذي يسمع كل ما يقول المتقوّلون على كلمات الله، فى سر أو جهر، ويعلم ما يخفون وما يعلنون من المآثم والمنكرات.