للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادتها، وتقديم أبنائهم قربانا لها.. وفى هذا ما يكشف لهم- إن كان فيهم بقية من عقل- أنهم خدعوا وضلّلوا، وأن هذه الأصنام هى التي ضللتهم، وخدعتهم، وقتلت أولادهم وفلذات أكبادهم.. وأنهم إذا كانوا قد فعلوا فعلتهم فى أولادهم وهم فى سكرة من الضلال، فإن هذا الدم الذي لطخت به أيديهم من أبنائهم، جدير به أن يملأ قلوبهم ألما وحسرة، وأن يوقع العداوة والبغضاء بينهم وبين واتريهم فى أبنائهم.. وإن أقلّ ما يثأرون به لقتلاهم هو اعتزال هؤلاء القتلة وإجلاؤهم من عالمهم، بل وتحطيمهم، إن كان هذا التحطيم يشفى غليلا، أو يخفف كمدا وحسرة..

وقوله تعالى: «لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ» أي أن ما فعله الشركاء- من أصنام وأوثان- بهؤلاء المشركين، إنما كانت عاقبته إهلاكهم، وإفساد دينهم عليهم.. فإهلاك أبنائهم هو إهلاك لهم، ثم هو إغراق لهم فى الضلال والبعد بهم عن الدين الصحيح.

والسؤال هنا: هل لهؤلاء المشركين دين حتى يعلق به فساد كما يقول الله تعالى: «وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ» ؟

والجواب: أنه كان ينبغى أن يكون للمشركين دين صحيح، لو بقيت معهم عقولهم، ولم يفسدها عليهم شركاؤهم، وأن ما زينه لهم الشركاء من قتل أولادهم هو غاية ما يمكن أن يصل إليه معتقد الإنسان، من فساد لا يرجى له صلاح أبدا.. فهؤلاء الشركاء قد أفسدوا على أتباعهم هؤلاء فطرتهم، وغيّروا معالم إنسانيتهم، ومن كان حاله تلك الحال، فلا صلاح يرجى لشىء فيه أبدا، من دين أو غيره.. فأى دين يدين به هؤلاء القوم، وهم على تلك الحال من السّفه، هو دين سقيم بسقام عقولهم، وفساد فطرتهم.

وقوله سبحانه: «وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ» إشارة إلى أن الله سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>