للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبناء لهم رزقهم عند الله، وأن هذا الرزق مقدم على رزق الآباء، وأن قتلهم حينئذ يكون عدوانا عليهم، وحبسا لهذا الرزق لذى سيرزقهم الله إياه..

وفى قوله تعالى: «وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ» نهى عن الفواحش، وهى المنكرات، وعلى رأسها لزنا، إذ كانت الصفة الملازمة له فى القرآن هى الفحش.. وما ظهر من الفواحش هو المعالن به منها، وهو فاحشة إلى فاحشة.. إذ كان الزنا فى أصله فاحشة، وكان الإعلان به فاحشة أخرى، لما فى لمعالنة من إذاعة الفاحشة، والتحريض عليها، والله سبحانه وتعالى يقول:

«لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ» فكيف بالجهر بالسوء من الفعل؟ ..

وما بطن من الفواحش، هو ما كان فى ستر وخفاء، فهو منكر فى ذاته، ولا يرفع عنه هذا المنكر إتيانه فى خفاء، إذ لا تخفى على الله خافية، وإن خفيت على الناس.

رابعا: قوله تعالى: «وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ»

. هو نهى عن العدوان على مال اليتيم الذي فى يد الأوصياء عليه، وفى النهى عن قربانه تحذير من الدنوّ منه بقصد السوء والعدوان، وفى قوله تعالى: «إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»

استثناء من النهى العام بالاقتراب من مال اليتيم، إلا أن يكون ذلك لإصلاحه، واستثماره، أو الأخذ منه بالحق والإحسان، دون جور أو عدوان.. وفى قوله تعالى: «حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ»

هو بيان للغاية التي يمتد إليها النهى عن الاقتراب من مال اليتيم، لأنه إلى تلك الحال يكون فى يد الوصىّ، فإذا بلغ اليتيم أشده صار المال إلى يده، وخرج من يد الوصىّ، فلا سلطان له حينئذ للتسلط عليه كيتيم.. ويكون العدوان على ماله بعد هذا، هو عدوان على الإنسان من حيث هو إنسان لا ولاية لأحد عليه، الأمر الذي نهى الله عنه.

خامسا: قوله تعالى: «وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً

<<  <  ج: ص:  >  >>