لينكر عليهم هذا العناد الذي هم فيه، وليدخل اليأس عليهم من أن ينتظروا جديدا، يطلع فى أفقهم بدعوة تدعوهم إلى الله، إذ ليس هناك دعوة أبلغ ولا أبين من هذه الدعوة التي بين أيديهم..
وأنهم إن كانوا ينتظرون أن تأتيهم الملائكة، أو يأتيهم الله، أو تأتيهم بعض آيات الله.. فلينتظروا..
وأما الله سبحانه وتعالى، فهو معهم أينما كانوا، ولكنهم لن يروه عيانا، لأنه سبحانه منزّه عن أن يحدّ، ولو رؤى لكان محدودا..
وأما بعض آيات الله، وهى نذر الهلاك المرسل إليهم، أو علامات الساعة التي تكون بين يديها- فإنها إذا جاءت لم تكن من تلك المعجزات التي تكشف للناس طريق الإيمان إلى الله، وإنما هى آيات تطلع عليهم بالمهلكات، حيث لا فائدة للإيمان بعدها، ولا أثر له فى حياة صاحبها، لأنها تأتى لتنهى حياة الناس، لا لتجدّد لهم حياة طيبة فى الحياة.... وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ» فالإيمان عند استقبال الموت لا ينفع صاحبه، فهو كإيمان فرعون حين أدركه الغرق.
وقوله تعالى:«أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً» .. الضمير فى إيمانها يعود إلى النفس التي آمنت عن مجىء نذر الله، ثم تراخى الموت قليلا عنها حتى ملكت أمرها، واستطاعت أن تتصرف فى الحياة- وهى مؤمنة- تصرفا