وفى قوله تعالى:«خَلائِفَ» إشارة إلى مكانة الإنسان، وسموّ قدره، وأنه ليس مكرّما فى جنسه وحسب، بل هو مكرّم فى كل فرد من أفراده..
فكل إنسان هو خليفة الله فى هذه الأرض، وأنه- وإن كان عضوا فى المجتمع الإنسانى- فليس ذلك بالذي يذهب بشىء من مقومات شخصيته، أو يجور على هذا الوضع الكريم الذي وضعه الله فيه.. فهو خليفة الله، أيّا كان مكانه فى المجتمع.. غنيا أو فقيرا، عالما أو جاهلا، قويا أو ضعيفا.. إنه خليفة الله فى الأرض، ومن واجبه أن يعمل بمقتضى هذه الخلافة، ويجمع إلى يديه أسبابها ومقوّماتها..
هذا هو الإنسان كما تنظر إليه شريعة الإسلام.. إنسان كريم على الله، خلع عليه خلع الخلافة، وتوجه بتاجها، وجعل درة هذا التاج هو عقله الذي يستطيع به أن يبلغ من السموّ ما يشاء.
وإنه لمن ظلم الإنسان لنفسه، ومن استصغاره لوجوده، أن يسفّ وينحدر عن هذا المستوي الكريم الذي رفعه الله إليه، فيتحول إلى كائن حيوانىّ ذليل، يقاد فينقاد، ويستذل فيذلّ، حتى لينعزل عن العالم الإنسانى، ويصبح على غير الخلق السوىّ الذي خلقه الله عليه.. «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ..»
وفى قوله تعالى:«وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ» إشارة إلى أن هذا المستوي الكريم الذي وضع الله سبحانه الإنسان فيه- ليس على درجة واحدة، وإنما هو درجات، بعضها فوق بعض، وإن كان أدنى هذه الدرجات لا ينزل بالإنسان عن درجة الخلافة التي أعده الله لها. فإن نزل الإنسان عن هذه الدرجة فقد نزل عن إنسانيته، وتحلّى عن مكانه بين الناس..
أما هذا التفاوت الذي بين الناس فهو فى مراتب الفضل، ابتداء من