للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ»

.. فهما دعوتان.. دعوة إلى حق وهدى، ودعوة إلى باطل وضلال.. وقليل من الناس أولئك الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وكثير أولئك الذين لا يسمعون، ولا يعقلون..

«قليلا ما تذكرون» إذ استولى الفساد على الناس، وصرفهم عن الحق، إلا قليلا ممن هدى الله.

وهذه الثلاث وتلك النذر قائمة بين الناس، تريهم منها ما حلّ بالظالمين من بلاء، وما وقع بهم من سوء.. «وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ..» فما أكثر الأقوام الذين أخذهم الله بظلمهم، وما أكثر القرى العامرة التي دمّرها الله ودمدم على أهلها، فأصبحوا ترابا فى ترابها!.

والبأس، هو البلاء المسلط من قوة قادرة لا تدفع.

وفى هذه الآية ما يسأل عنه، وهو:

كيف قدّم الإهلاك على مجىء البأس: «أهلكناها فجاءها بأسنا» مع أن البأس هو عامل الإهلاك وأداته؟.

والجواب، أن الإهلاك حكم واقع مقرر قبل مجىء البأس، وأن هذه القرى الظالمة كانت تحت حكم لإهلاك قبل أن تهلك بزمن طويل، لما كان عليه أهلها من ضلال، وعناد، وإفساد فى الأرض وأن الله سبحانه وتعالى أمهلهم، وبعث فيهم الرسل، مبشرين ومنذين، فلم يلتفتوا إلى هدى الله، ولم يقبلوا على دعوته، بل صدّوا عنه، وازدادوا كفرا إلى كفر وضلالا إلى ضلال.. حتى إذا بلغ الكتاب أجله، جاءهم بأس الله، فأخذهم العذاب وهم ظالمون..

وفى قوله تعالى: «فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ» إشارة إلى أن هذا البلاء قد وقع على تلك القرى الظالمة حين كانت فى غفلة من أمرها، لا تتوقع

<<  <  ج: ص:  >  >>