للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم ليقولوا شيئا غاب عن الله سبحانه وتعالى أمره، ولكن ليستحضرواهم وجودهم كله، حتى يشهدوا هذا الذي كان كثير منهم فى شك منه، من قدرة الله، وسعة علمه الذي لا تخفى عليه خافية.. «ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا..»

قوله تعالى:

«وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ» .

فى هذا إشارة إلى أن أعمال الناس التي عرضت عليهم، لم تكن لمجرد عرضها، والعلم بها، وإنما لتكون موضع حساب ومناقشة، فتوزن أعمال كل إنسان بميزان الحق والعدل.. فمن ثقلت موازينه، ورجحت حسناته على سيئاته، فقد نجا وأفلح، وكان من الفائزين برضوان الله وجنات النعيم، ومن خفت موازينه فرجحت سيئاته على حسناته، فقد خاب وخسر، وكان العذاب جزاءه والنار مثواه.. والباءان فى قوله تعالى: «بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ» : الأولى للسببية، والثانية للاستصحاب، بمعنى أنهم خسروا أنفسهم بسبب كونهم كانوا ظالمين مع استصحاب آياتنا، ووجودها بين أيديهم، وفى مواجهة حواسّهم ومدركاتهم لها..

والآيات هنا، هى آيات الله المنزلة على أنبيائه، والآيات الكونية التي تبدو فى كل ما أبدع الخالق وصوّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>