الخوف والحزن، يوم يخاف المكذبون، ويحزنون.. يخافون من عذاب الله الراصد لهم، ويحزنون على ما فاتهم من استجابة لرسل الله، واستقامة على شريعة الله.
ومن كذّب وأبى فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.. فقد ظلموا أنفسهم بافترائهم على الله، وقولهم إذا فعلوا فاحشة: وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها.
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ» .
وقوله تعالى:«أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ» .. المراد بالكتاب هنا الكتاب الذي خطّت فيه أعمال الناس وأرزاقهم.. والمعنى أن هؤلاء الظالمين لن يحرمهم الله بسبب ظلمهم ما قدّر لهم فى كتابه من أعمار وأرزاق، فهم سيوفّون ما قدّر لهم فى هذه الدنيا. «حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ» أي حتى إذا انتهت أعمارهم وجاءتهم رسل الموت من عند الله ليقبضوا أرواحهم:
«قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ» . أي أنهم إذا حضرهم الموت، انكشف لهم ما كانوا فيه من ضلال، واطلعوا على هذا المصير السيّء، الذي هم صائرون إليه، وهنا يتلفتون إلى من أشركوا بهم فلم يجدوا لهم وجودا معهم:«ضلّوا عنّا» ! ..
إنهم يبحثون عنهم فى هذا المزدحم، فلا يرون لهم ظلّا.. لقد تركوهم ليلاقوا مصيرهم المشئوم..!
وقوله تعالى:«وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ» الشهادة هنا هى استيقانهم بواقع أمرهم، وأنهم كانوا على ضلال وكفر.. وتلك هى الشهادة التي شهدوا بها على أنفسهم، فكان حكما عليهم أدانوا أنفسهم به، قبل أن يدينهم الديّان.