ومما يضاعف فى عذاب أهل النار، هذا النعيم الذي ينعم به أهل الجنة فى مواجهتهم، فإذا هم أغمضوا أعينهم عن أن ينظروا إلى هذا النعيم، حسدا لأهله، امتلأت أسماعهم بكلمات تناجى أهل الجنة بنعيمهم، وتدعوهم إلى التمتع به كما يشاءون، غير مضيق عليهم فى شىء منه، ولا محظور عليهم منه شىء، فهو ملك خالص لهم، وفى هذا يقول الله تعالى:
فهذا هو شأن أهل الجنة، وما يلقون فيها من تكريم وتنعيم.. إنهم أصحاب الجنة، وملّاكها، لا ينازعهم فيها أحد، شأن المالك فيما يملك..
وإذا كان أصحاب النار فى خصام وشقاق، وفى تراشق بالسب واللعن، فإن أصحاب الجنة فى مودة وسلام، وفى أنس وإخاء.. «ونزعنا ما فى صدورهم من غل» فلا أضغان ولا أحقاد، ولا حسد، ولا بغضة.. وفيم يتحاسدون؟ وعلام يتباغضون؟ والخير يملأ كل ما حولهم، ليس لأحد منهم حاجة فى شىء إلا وجدها بين يديه.. فليس فيهم غنى وفقير، وشقى وسعيد، إذ كلهم أغنياء من فضل الله، سعداء برحمته ورضوانه.. لا يجرى على ألسنتهم إلا الحمد والشكران، لله رب العالمين، الذي هداهم إلى الإيمان، ووفقهم لمرضاة الله، والفوز بهذا النعيم الذي هم فيه. «إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ» يشغلهم حمد الله والثناء عليه والتقلب بالنعيم الذي هم فيه، عن النظر إلى ما خلفوا وراءهم فى الدنيا، وما أصابهم فيها من خير أو بلاء..
وفى قوله تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ- لا نُكَلِّفُ