فى وجه الحقّ ويتصدّون لدعاة الخير، وهذا الحكم هو الخذلان للظالمين، والتنكيل بهم، حيث لا يردّ عنهم بأس الله ما لهم من جاه وسلطان، وما بين أيديهم من بأس وقوة.
فتلك هى سنة الله فى الأمم الخالية، قبل بعثة النبي «محمد» خاتم الأنبياء، عليه وعليهم الصّلاة والسلام.
فما كان يبعث نبى إلى قرية من القرى، أو جماعة من الجماعات إلا كذّبوه، وبغوا عليه، وأنكروا مقامه فيهم، وهمّوا بإخراجه من بينهم، أو قتله، إن هو ظلّ على موقفه منهم.. وهنا تجىء الخاتمة، ويقع بهم ما أنذروا به من قبل إن هم أبوا إلا كفرا، وإلا عنادا وإصرارا على الكفر، وما هى إلا عشية أو ضحاها حتى يصبح القوم أثرا بعد عين، «فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها وَلا يَخافُ عُقْباها» وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ»
(٥: غافر) وقوله تعالى: «لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ» تعليل لهذا العقاب الذي أخذهم الله به، من بأساء وضراء ... والبأساء ما يقع على الأموال من ضرّ، والضراء ما يصيب النفوس من بلاء ... والتضرّع: الخضوع، والتذلل والاستسلام.
والسؤال هنا: كيف يتضرّعون، وقد أصبحوا فى الهالكين، بهذا الأخذ المستأصل الذي أخذهم الله به؟
والجواب: أن هؤلاء الذين هلكوا، هم عبرة ومثل لمن بعدهم ... والتضرّع