للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماء، فوقع على الأرض، كما يقع ضوء الشمس على معالم الكون الأرضىّ، فيبدّد الظلام، وينسخ معالمه.. أو كما تقع الصواعق بالرجوم، فتهلك القوم الظالمين..

ورأى السّحرة شيئا لم يكن من واردات السّحر الذي معهم، واستيقنوا أن ما مع موسى ليس من السحر فى شىء، وأنه ليس فى مقدور بشر أن يأتى به..

فهو إذن عمل من أعمال السّماء، وقدر من أقدارها، وضعته إلى يد موسى، ليكون شاهد صدق على أنه رسول من ربّ العالمين..

تلك هى شهادة أهل الخبرة، وأصحاب الكلمة فى هذا الأمر.. وليس لأحد قول بعد الذي قالوه..

«فَغُلِبُوا هُنالِكَ» أي فى ميدان المعركة، وكان غلبهم تسليما وإذعانا، كما يستسلم الأسير لآسره.

«وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ» أي رجعوا أذلّاء، يواكبهم الخزي والصّغار، وتصحبهم الذلّة والمهانة.

والضمير هنا يعود إلى فرعون والملأ الذين معه، إذ كان الأمر أمرهم، والمعركة معركتهم.

وفى التعجيل بهذا الحكم، تلخيص لما وقع فى نفوس الناس ساعتئذ.. لقد خسروا المعركة. ما فى ذلك شك.. وإن كان هناك جيوب فى المعركة لم يصفّ حسابها بعد، فإنها لا تؤثر أي أثر فى الحكم الواقع على المعركة، وهو أن الهزيمة قد حلّت بفرعون وملائه «فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ» .. هذا هو شعار الموكب الذي يسبق القوم إلى المدينة، ليذيع فى أهلها هذا النبأ المثير المخيف، وليبعث فى النّاس المشاعر التي يستقبلون بها هذا الموكب المهزوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>