نصفه العلوي، ونصف نصفه السفلى المخالف له، وبهذا الخلاف تتم الحركة الدموية، ويظل القلب عاملا بشريان واحد من شريانى الحياة.. ولهذا أتبع فرعون هذه العملية الشنيعة بالصّلب، حتى يظل المصلوب قائما على خشبة الصلب زمنا يعالج فيه آلام الموت وسكراته..
ولا يأخذ هذا الوعيد شيئا من إيمان السحرة، ومن انعقاد قلوبهم على ما انعقدت عليه من تسليم لموسى، وإيمان بالإله الذي يدعو إليه، إذ كان إيمانهم قائما على علم، وبعد بلاء وتمحيص.
هذا هو عزاء المؤمنين فى ساعة العسرة، وفى مواجهة البلاء وتحدّيه..
إنهم منقلبون إلى الله، راجعون إليه، نازلون فى ضيافته.. فليس يفزعهم الموت، ولا ترهبهم المثلات التي يأخذهم بها الظالمون..
إن حياتهم إذا انتهت بتلك النهاية، فإنها ستبدأ مرحلة جديدة، فى عالم أرحب، وفى رحاب ربّ كريم، عرفوه، وآمنوا به، فلا ينكرهم يوم لقائه، ولا يحجب عنهم فضله ورحمته، بل يلقاهم برحمة منه ورضوان، وجنات لهم فيها نعيم مقيم..
إن هذا الانتقام الذي يأخذهم به فرعون، لم يكن عن جناية جنوها عليه، وإنما كل ذنبهم أنهم رأوا النور فاهتدوا به، وعرفوا الحق فاتبعوه..
إنهم قد اختاروا لأنفسهم الخير، وليس لأحد سلطان عليهم فى أن ينزع الإيمان من قلوبهم، وإن كان لسلطانه أن ينزع أرواحهم من أجسادهم،