أن يقتدى بهم، كما يقول الله تعالى:«أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ» .. وفى التوراة غير هذه المثل الطيّبة من الناس، مثل للقوم الظالمين، الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون، وتلك المثل هى التي ينبغى للعاقل أن يحذرها، ويتجنب الأخذ بها، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى بعد ذلك:
«سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ» ففى تلك الديار التي ضمّت الفاسقين مثل ظاهرة، تحدّث بما حلّ بأهلها من بلاء ونكال.. فليحذر بنو إسرائيل أن يحلّ بهم ما حلّ بمن فسق عن أمر ربّه، واعتدى على حدوده، واستباح حرماته.
فى هذا تحذير لبنى إسرائيل وتهديد لهم، إن هم سلكوا سبيل الظالمين، واستكبروا فى الأرض بغير الحق، ومكروا بآيات الله، وعصوا رسله، وتنكبوا طريق الخير، وركبوا طرق الغىّ والضلال.
فهؤلاء الذين يتخذون هذا الموقف اللئيم مع آيات الله، سيصرفها الله عنهم، كما انصرفوا هم عنها، فلا ينالون منها خيرا، ولا يجدون فيها هدى، كما يقول الله تعالى:«وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ»(١٢٧: التوبة) لقد حجبهم الله عن مواقع رحمته، بعد أن أخذوا من آياته هذا الموقف، فأغمضوا أعينهم عنها، وجعلوا أصابعهم فى آذانهم فلم يستمعوا لها..