فهذا حكم الله فيمن يرعون عهده، ويحفظون شريعته، ويتمسّكون بكتابه.. إنهم محسنون، والله لا يضيع أجر المحسنين، فقد عملوا وأحسنوا، وعند الله حسن الجزاء لمن عمل وأحسن..
وقد سمّى الله سبحانه الجزاء أجرا، فضلا منه وكرما، حتى لكأن العامل فى مجال الخير، وهو يعمل لنفسه، إنما يعمل لله، وعن هذا العمل يستحق الأجر من ربّه.. فسبحانه من ربّ كريم.
وهذا من نعم الله التي يبتلى بها عباده، وقد ابتلى الله هؤلاء القوم بأن جعل لهم من الجبل وقاية من الشمس، والمطر، والعواصف، وغيرها، فهو سكن لم يعملوا له، ولم يجهدوا أنفسهم فيه، بل أقامه الله لهم.. لقد نتقه الله فوقهم، أي شقّه، ورفعه.
ومن قدرة الله أن رفع هذا الجبل فوقهم كأنه سقف، ولكن بغير عمد، حتى لقد ظنّوا أنه واقع بهم..
وفى قوله تعالى:«واقِعٌ بِهِمْ» إشارة إلى شعور الخوف الذي كان مستوليا عليهم أول الأمر من هذا الجبل الذي قام فوقهم، وأنه إذا وقع لم يقع عليهم وحسب، بل إنه سيحملهم معه، ويهوى بهم إلى الأرض..
«خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» ..
وهذه دعوة من الله إلى هؤلاء القوم، حين نتق الله بهم الجبل، ووضعهم أمام هذه الآية المتحدية.. فليؤمنوا بالله، وليأخذوا هذا الكتاب الذي فى أيديهم بقوة، أي يمسكوا به، ويشدّوا أيديهم عليه، وألا يخرجوا عنه، ويترخّصوا فى أحكامه، ففى هذا داعية لهم إلى أن يكونوا من المتقين..
وإلى هنا تنتهى الآيات التي عرضت قصة موسى، وقومه.. وهى- فيما