فليس بعجيب أن يكون بيننا وبين الله- سبحانه- هذا الموقف الذي شهدته أرواحنا، ولم تشهده أجسادنا.. كما شهدته المخلوقات جميعا، من حىّ وغير حىّ.
وهذه الشهادة إقرار سابق بولائنا جميعا لله، وإيماننا بوحدانيته.
وإن من شأن هذا الإقرار أن يقيم وجوهنا إلى الله، بعد أن نلبس هذه الأجساد التي نعيش فيها.. فهذا الإقرار رصيد من الإيمان نستقبل به الحياة، ونتلاقى به على طريق الإيمان مع دعوة العقل الذي أوجده الله فينا، ومع دعوة الرسل الذين أرسلهم الله إلينا..
ولهذا جاء قوله تعالى:«أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ» أي ليقطع عليكم العذر أن تقولوا يوم القيامة إنا كنّا عن الإيمان بالله والتعرف عليه غافلين، فذلك عذر غير مقبول.. إذ كيف تغفلون وفيكم داع يدعوكم إلى الإيمان بالله، وهى تلك الفطرة التي أشهدها الله عليكم..
وهذا العذر أيضا غير مقبول منكم، فلا يحمل عنكم تبعة شرككم بالله شرك آبائكم من قبلكم، إذ كنتم ومعكم فطرتكم، وكنتم ومعكم عقولكم، ثم كنتم ومعكم دعوة الرسل الذين يدعونكم إلى الله! فإذا أهلككم الله فإنما يهلككم بأفعالكم لا بأفعال آبائكم.