والمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد خلق لجهنم خلقا كثيرا من الجنّ والإنس، جعلهم أهلا لها، ووقودا لجحيمها.. هكذا اقتضت إرادته، وشاءت مشيئته.. يخلق ما يشاء لما يشاء..
وفى الحديث عن عائشة رضى الله عنها قالت: أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلّم جنازة صبىّ من صبيان الأنصار، فقلت: يا رسول الله: طوبى له، عصفور من عصافير الجنة!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«وما يدريك؟ إن الله تعالى خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم فى أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلا وهم فى أصلاب آبائهم» ! وهؤلاء الذين خلقهم الله للنار:
«لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها، وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها» ..
فهم فى صورة الناس، ولكنهم ليسوا مثل الناس.. إذ جعل الله لهم قلوبا لا تعقل، وأعينا لا تبصر، وآذانا لا تسمع.. فإن عقلت منهم القلوب عقلت الشرّ والضلال، وإن أبصرت منهم الأعين فإنها لا تبصر مواقع النور والهدى، وإن سمعت الآذان فإنها لا تسمع كلمات الحق والهدى «أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ» .. لها قلوب، ولها أعين، ولها آذان.. ولكنها لا تكون بهذه الأدوات كائنا بشريا، سوىّ الخلق، سليم الفطرة.. «بَلْ هُمْ أَضَلُّ» من هذه الأنعام، إذ الأنعام تستعمل هذه الأدوات فيما يصلح أمرها، ويحقق ذاتها، ويحفظ وجودها، وهؤلاء لا يستعملون هذه الأجهزة إلا فيما يضرهم،