ومن الجهل الذي يستولى على العقول، فيضلّها عن سواء السبيل، أن يرى بعض الناس أن النبىّ إذ كان على صلة بالسّماء، قادر على أن يشارك الله فى سلطانه، وأن يكون بيده ما بيد الله أو بعض ما فى يد الله من قدرة وعلم وسلطان..
ولهذا كان من مقترحات مشركى قريش على النبيّ، أنهم لن يؤمنوا له حتى يأتيهم بما اقترحوا عليه، مما ذكره الله سبحانه وتعالى على لسانهم فى قوله:
ومن واردات هذا الجهل ذلك السؤال الذي يلحّ به السائلون على النبيّ عن يوم القيامة، ظنّا منهم أن النبىّ غير بشر، وأنه يملك من قوى الغيب ما يجعله عالما بكل شىء، قادرا على كل شىء..
ولو كان النبىّ ممن يعمل لحسابه وممن يطلب المجد والسلطان لنفسه فى الناس- لحمد لهؤلاء الظانين به هذه الظنون رأيهم فيه، ونظرتهم إليه، بل لعمل على الترويج لهذه الظنون، وإذاعتها فى الناس، ليكبر فى أعينهم، ويعظم مقامه فيهم..
ولكنّ النبىّ لا يعمل إلا للحق، ولا يتعامل مع الناس إلا بالحق، ولهذا جاء قوله تعالى:«قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ» ليؤذّن به النبي فى الناس، وليريهم أنه بشر مثلهم، لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، فالنفع والضرّ بيد الله وحده.