التفسير: هنا قضية، تعرضها تلك الآيات، وتقيم الحجة لها وتدحض مفتريات المفترين عليها، وتخرس ألسنة المتمارين فيها..
وهذه القضية، هى قضية الألوهية، وتفرّد الله سبحانه وتعالى بها، أمّا ما سواه، فهو من باطل المبطلين، ومفتريات المفترين.
فالله- سبحانه وتعالى- هو الخالق المصور لكلّ مخلوق فى السموات أو فى الأرض.. والإنسان هو من بعض ما خلق الله.. «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها» ..
فلينظر الإنسان مم خلق؟ ولينظر كيف كان خلقه، وعلى أية صورة صوّر؟
فهذا العالم البشرى كله، مخلوق من نفس واحدة! والمراد بالنفس الواحدة، الجرثومة أو السلالة التي تكاثر منها هذا النسل، وتوالد، كما تتكاثر وتتوالد حبّات السنبلة من حبّة واحدة، ثم تكون من تلك الحبّات سنابل، ومن تلك السنابلة حبات، ومن الحبات سنابل..
وهكذا..
وفى قوله تعالى:«وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها» إشارة إلى أنّ التزاوج الذي تمّ بين الجرثومة الأولى وأنثاها كان عن توافق بينهما، وتجانس فى الصفات، حتى يكون ذلك داعية إلى اجتماعهما وتآلفهما:«وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها» أي ليجتمع إليها، وليطمئن لها، ويستقر معها..
وقد أشرنا من قبل فى قصة آدم وخلقه «١» أن حواء التي قيل إنها خلقت
(١) انظر الكتاب الأول من هذا التفسير (سورة البقرة) .