القطيعة بينه وبين أهله، إذ لا مهادنة فى الحقّ، ولا حساب لصلات القرابة والصداقة فيه.. «كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ، فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ» .. هكذا بدأت السورة.. وبهذا تختتم..
وفيما بين هذين اللقاءين، فى مفتتح السورة ومختتمها، عرضت السورة الإنسان فى معارض الحياة كلها.. كيف خلق الإنسان، وكيف كان تحدّى الشيطان فيه لله، واعتراضه على هذا التكريم الذي كرّم الله الإنسان به، ثم كيف كان عصيان آدم لربّه، وخروجه عن طاعته، ثم ما كان من آدم من ندم وتوبة، وكيف عاد الله بفضله عليه، وقبل توبته، ثم حذّره من الشيطان، وتربصه به، لإغوائه هو وذريته، ودفعهما إلى عصيان الله، والخروج عن طاعته.. ثم جاءت الآيات بعد ذلك لتعرض على أنظار أبناء آدم مشاهد القيامة، وما يلقى الطائعون من نعيم، وما يؤخذ به العاصون من نكال وعذاب، وكيف يستجدى أهل النار أصحاب الجنة، ويمدّون إليهم أيديهم فى لهفة وذلة أن يفيضوا عليهم من الماء أو مما رزقهم الله.. ثم تجىء الآيات بعد هذا فتعرض صورا من مواقف الإنسان مع دعوات الهدى التي يحملها رسل الله إليه، فيلقاها معرضا مستكبرا، ثم كيف كان أخذ الله للظالمين الضالين، الذين عصوا رسل الله وأعنتوهم، ومدّوا ألسنتهم وأيديهم إليهم بالضر والأذى.. ثم تجىء الآيات بعد فضح هذا الشرك الذي هم فيه، وتريهم رأى العين ما عليه آلهتهم التي يعبدونها من ضعف ظاهر، لا تملك معه، أن تتحول من حال إلى حال، ولا أن تنجو بنفسها من أي أذى ترمى به.. وفى هذا العرض ينكشف ضلال المشركين وسفاهة أحلامهم، إذ يعطون وجودهم وولاءهم لهذه الدّمى الصماء..
بعد هذا كله، تجىء خاتمة السورة داعية النبىّ إلى النهج الذي يأخذه فى دعوته إلى الله، بعد أن كان متجه الدعوة إليه فى مفتتح السورة أن ينهض