يكون لقاؤه كاملا مع أولئك الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه..
ولهذا عاتب الله- سبحانه- نبيّه الكريم، هذا العتاب الرقيق الجميل، حين أعطى وجهه لهؤلاء الجاهلين المتطاولين من رءوس القوم، طمعا فى هداهم، على حين صرف وجهه عن ابن أم مكتوم- الأعمى- وقد جاء يسأل النبي، ويستزيد من العلم بأحكام دينه، فقال تعالى معاتبا النبىّ هذا العتاب الموصول باللطف والرحمة والإحسان:«عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلَّا.. إِنَّها تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ.» .
قوله تعالى:«وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» النزغ: أدنى المسّ، والإلمام بالشيء دون الوصول إلى صميمه..
والمراد بالنزغ الذي يكون من الشيطان للنبىّ، هو أن يدخل على النبىّ فى صفائه وإشراقه، بشىء من ضبابه ودخانه، وهنا يتنبه النبىّ لما وقع فى سمائه الصافية المشرقة، فيعلم أن ذلك من كيد الشيطان، فيستعيذ بالله منه، وإذا الله سبحانه وتعالى معيذ له، صارف عنه كيد الشيطان:«إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» .
والمؤمنون هم الذين أخذوا بهذه السبيل التي أخذها النبىّ عند لمّة الشيطان به..
فهم «إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ» وكاد يستولى على حالهم التي هم فيها مع الله، تذكّروا العداوة التي بينهم وبين هذا الشيطان، وذكروا ما بينهم وبين الله، وعندئذ تنجلى هذه الغمّة عنهم، وينصرف هذا السحاب المتراكم الذي