ومطلوب هذا الخطاب، هو ذكر الله، وشغل القلب به، فى صمت وخشوع، وفى ضراعة لكبرياء الله، وخوف ورهب لسطوته وجبروته.
وهذا هو ذكر القلب، حيث تسكن كل جارحة، وحيث يكون الإنسان كله مشاعر خاشعة، تلين بها الجلود، وتفيض منها العيون، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ. مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ»(٢٣: الزمر) .
وهناك ذكر باللسان، هو فى درجة بعد هذه الدرجة، ومنزلة دون تلك المنزلة، التي هى من شأن القلب وحده..
وليس الذكر باللسان مجرد أصوات تردّد بكلمات الله وآياته، فإن مثل هذا الذكر لا محصّل له، ولا ثمرة وراءه.. وإنما يكون ذكر اللسان موردا من موارد الخير، وطريقا قاصدا إلى الحق والهدى، حين يستملى من قلب خاشع، ويتلقّى من مشاعر مجتمعة ساكنة، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
«وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ» .. فهو معطوف على قوله تعالى:«فِي نَفْسِكَ» أي اذكر ربّك فى نفسك تضرّعا وخيفة ودون الجهر من القول» ..
بمعنى: واذكر ربّك بلسانك كما ذكرته بقلبك، ولكن بصوت خفيض ضارع تناجى فيه ربّك، فى غير ضوضاء أو جلبة، وفى هذا استجماع للقلب،