أي لا يستجيبون للرسول، ولا يمتثلون لما يسمعون منه، من أمر أو نهى..
وفى قرن الإيمان بالطاعة «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ..
إشارة إلى أن الإيمان لا تقوم حقيقته إلا على الطاعة لما تحمل دعوة الإيمان من أوامر ونواه.. فالإيمان ليس مجرد إقرار باللسان، فإن الإقرار باللسان إذا لم يصدّقه العمل، كان نفاقا.. والله سبحانه وتعالى يقول فى ذم المنافقين:
«يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ»(١٦٧ آل عمران) ويقول سبحانه محذرا المؤمنين من هذا الموقف: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ..» كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ» (٣: الصف) والرسول صلوات الله وسلامه عليه، يكشف عن حقيقة الإيمان فيقول: ليس الإيمان بالتّمنّى، ولكن ما وقر فى القلب وصدّقه العمل.. وإن قوما خدعتهم الأمانى وغرهم بالله الغرور.. يقولون: إنا نؤمن بالله!! وكذبوا.. لو صدقوا القول لصدقوا العمل» ..
وقوله سبحانه:«إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ» هو عرض لتلك الصورة المنكرة التي عليها هؤلاء المشركون، الذين يسمعون كلمات الله تتلى عليهم ثم لا يزيدهم ذلك إلّا ظلما وبغيا وفسادا..
فهم شرّ ما يدبّ على هذه الأرض من أحياء.. إذ كان شأن كلّ دابّة أن تسمع لصوت داعيها، وتستجيب لنداء من يهتف بها، داعيا أو زاجرا..
أما هؤلاء فهم شرّ من الدوابّ.. إذ هم صمّ: لا يسمعون، بكم:
لا ينطقون، بهائم لا يعقلون.. وفى هذا يقول الله تعالى: َيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ»