الريح، وقد كان بين أيديهم أن يستقلّوا السفين القاصد إلى شاطىء الأمن والعافية، السابح فوق صفحة ماء رقراق، المسيّر بيد ريح رخاء!.
فماذا يدعوهم إلى هذا اللّجاج فى العناد، وإلى هذا التحدي لمنازلة البلاء؟
إنه لا شىء إلا الجهل الذي يعمى البصائر، وإلا الضلال الذي يطمس على القلوب! وماذا عليهم لو جعلوا دعاءهم إلى الله أن يهديهم سواء السبيل، وأن يقيمهم على طريق الحق، إن كان هذا الذي جاءهم به «محمد» هو الحق؟
إنهم لن يخسروا شيئا، لو كان الذي جاءهم به «محمد» هو قول تقوّله، أو أساطير اكتتبها.. فلو استجاب الله لهم لعافاهم من البلاء، ولصرف عنهم السوء..
وإنهم ليربحون الربح أعظم الربح، لو كان الذي جاءهم به «محمد» على غير ما ظنوا وتوهموا.. فكان الحقّ من عند الله، والهدى المحمول فى كلماته، والرحمة المرسلة مع آياته..!!
ولكن القوم عتوا عتوّا كبيرا، وضلوا ضلالا بعيدا، فسألوا الله أن يمطر عليهم حجارة من السماء، أو يسوق عليهم البلاء المبين والعذاب الأليم! «وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ، أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ» .