من يرى هذا البلاء الذي حلّ بهؤلاء القوم الضّالين، وهو بلاء فوق بلاء، فوق بلاء!! قوله تعالى:«كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ» .
الدّأب: الحال والشأن..
أي أن ما فعله الله بهؤلاء المشركين، الذين علوا فى الأرض، وبغوا، قد فعله- سبحانه- بأمثالهم ممن علوا وبغوا.. ومن هؤلاء آل فرعون، ومن كان قبلهم من الطّغاة والظالمين- قد أخذهم الله بذنوبهم، ولم يعصمهم من عقاب الله، ما كانوا عليه من جبروت وقوة، فإن قوة الله لا تدفعها قوة، وبأسه لا يردّه بأس:«إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ» .
هذا، ويرى بعض المفسرين أن قوله تعالى:«كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ» هو عائد إلى المشركين، لا إلى آل فرعون.. أي أن شأن المشركين كشأن آل فرعون..
قد كفروا مثل كفرهم.. والرأى عندنا أن هذا الوصف عائد على آل فرعون، حيث يبرز من هذا الوصف حال المشبّه به- وهم آل فرعون- على صورة كاملة، يستغنى بها عن وصف المشركين بأية صفة بعد أن ألحقوا بآل فرعون فى كل مالهم من صفات، كان الكفر أظهر ألوانها..
والسؤال هنا: لم كان حكم الله هذا واقعا على آل فرعون ومن كان قبلهم، مع أنه حكم واقع على كل جبار مفسد متكبر، سواء أكان قبل آل فرعون أو بعدهم؟
والجواب- والله أعلم- أنّ من كان قبل آل فرعون، قد وقعوا تحت هذا الحكم فعلا.. أما من بعدهم، فمنهم من أخذه الله بهذا العقاب، ومنهم من ينتظر دوره مع حركة الحياة، وسير الزّمن..