أو من شدة وبلاء، حتى يحدثوا هم تغييرا فى أنفسهم، وتحوّلا فى منازعهم وسلوكهم، وهنا يغير الله أحوالهم حسب ما كان منهم من تغيير.. من اتجاه إلى الحق والخير، أو انحدار إلى الشر والضلال..
الجار والمجرور «كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ» متعلق بقوله تعالى: «حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ» أي أن الله سبحانه وتعالى لا يغيّر ما بقوم، ولا يحوّلهم عماهم فيه من عافية ونعمة، حتى يحدثوا هم تغييرا فى أنفسهم، من سيىء إلى أسوأ، ومن شر إلى ما هو أكثر شرا منه، كما فعل آل فرعون، الذين زادهم الهدى الذي جاءهم به موسى، ضلالا وكفرا وعتوّا، فكان هذا التغيير الذي حدث فى أنفسهم مؤذنا بما سيحلّ بهم من سوء وبلاء، إذ غيّروا ما بأنفسهم، حين ازدادوا ضلالا إلى ضلال فغير الله ما هم فيه من نعمة وعافية..
وفى قوله تعالى:«كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ» المعدول به عن القول الذي يقتضيه النظم: «كذبوا بآياتنا» فى هذا إشارة إلى مدى ما كان عليه القوم من عتو وعناد، مع ما لله عليهم من ألطاف ونعم، إذ ساق إليهم آياته، تحمل الهدى والخير، وقد أضافهم سبحانه وتعالى إليه هكذا:«رَبِّهِمْ» ليذكروا ربوبية الخالق لهم، الذي أخرجهم من عالم العدم إلى عالم الحياة، وجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة، وأخرج لهم من الأرض أقواتهم، وجعل لهم فيها فجاجا سبلا، وأنهارا جارية، وعيونا سائلة.. ومع هذا وكثير غيره، فإن القوم لم تنفعهم هذه الذكرى، بل ازدادوا بها عتوا وضلالا.
وفى قوله تعالى: «فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا