أن تكون شيئا منفصلا، له حقيقة مستقلة، تقع عليها أحكام خاصة بها.
فدعوى أن الإسلام قام على السيف، لا يمكن أن توجه إلى الإسلام فى مبادئه وأحكامه، وقد رأينا كيف عاش وسيعيش الإسلام بلا سيف ولا قوة، قرونا متطاولة، لا تنتهى إلا بانتهاء الحياة..
وإنما تتجه هذه الدعوى- قبل كل شىء- إلى المجتمع الذي يدين بالإسلام، ويعيش فى ظلّ أحكامه وتعاليمه..
ومع هذا نستطيع أن نقول إن وجه الدعوى يجب أن يكون على هذا الوضع:«المجتمع الإسلامى مجتمع قام على السيف..» وحينئذ يمكن أن تسمع هذه الدعوى، وتكون موضع نظر وبحث..
فالدعوة الإسلامية- فى ذاتها- لم تقم على السيف، وإنما الذي قام على السيف وكان لا بد أن يقوم عليه دائما، هو المجتمع البشرى الذي انضوى تحت لواء هذه الدعوة، ثم امتدّ وامتدّ حتى صار دولة عريضة طويلة، تنتظم شطر العالم أو أقلّ من شطره قليلا.
وطبيعى أن مجتمعا كهذا المجتمع فى الامتداد والسّعة، لا يمكن أن يكون أعزل من السلاح، مجرّدا من القوة.. فإن طبيعة الحياة تأبى أن يعيش الضأن مع الذئاب.. بل لا بد أن يكون هناك توازن فى القوى، وإلّا، فالويل للضعيف! إن المجتمع الإسلامى- كأى مجتمع فى الحياة- له ذاتيته المتميزة، وله وجهته وفلسفته فى الحياة.. وطبيعى أن تقوم فى ظلّ هذه المعاني عصبية، هى التي تجتمع عليها الأمم والشعوب، وتقيم منها وحدة مميزة فى مشاعرها، ومنازع أفكارها، ومتجه سلوكها.. كما كان لا بد أيضا أن يتعصب على هذه الأمم وتلك الشعوب أعداء يخافون قوتها، أو يطمعون فى ضعفها، ومن هنا يكون الصراع الذي