والأمر بتحريض النبىّ للمؤمنين على القتال، إنما جاء بعد أن أمروا بأن يعدّوا لقتال العدوّ ما استطاعوا من عدد الحرب ووسائل القتال، من سلاح، وعتاد، وخيل.. وذلك بعد أن أعدّوا الرّجال الذين راضوا أنفسهم على الجهاد فى سبيل الله، ووطنوها على الاستشهاد ابتغاء مرضاة الله..
فإذا جاء النبيّ بعد هذا يحرّض المؤمنين على القتال، ويستحثهم له، ويغريهم به، وجد قلوبا صاغية إليه، ونفوسا مستجيبة لما يندبهم له، إذ كان إنما يدعو مؤمنين استجابوا للحرب، ويستحث جنودا أعدوا أنفسهم للحرب، ورصدوها للدفاع عن دين الله، وملئوا أيديهم بالسلاح، كما ملئوا قلوبهم بالإيمان.
أولا: هل هذا الشرط خبر فى لفظه ومعناه.. بمعنى أن المراد به الكشف عن قدر المؤمنين، وما بينهم وبين الكافرين من بعد بعيد فى القوة..
أم أنه خبر أريد به الأمر والإلزام، بمعنى أنه مطلوب من المؤمنين ديانة وشرعا، أن يثبت فى ميدان القتال لعشرة من الكافرين.. فإن فرّ، أو نكل كان آثما..؟
أجمع المفسّرون على أن هذا الشرط خبر مراد به الأمر، وأن واجبا على المسلم أن يثبت للعشرة من العدوّ فى ميدان القتال، وأن يغلبهم، فإن فرّ أو نكث كان آثما، بل ذهب بعضهم إلى أكثر من هذا، فقال: إن المسلم إذا لم يقتل العشرة، بل قتل هو، كان آثما، لأنه لم يحقق ما أمره الله به، وهو أن يغلب العشرة، لا أن يثبت لقتالهم وحسب!