أو الجماعات الذين آمنوا ولم يهاجروا، بل ظلّوا بين أهليهم وأقوامهم الذين ينظرون إليهم نظرات مغيظة حانقة، ترمى بالضر والأذى.
ولو دخل هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا- لو دخلوا فى ذمة المؤمنين وفى ولائهم، لكان على المؤمنين الانتصار لهم من كل ظلم، والحماية لهم من كلّ عدوان، وهذا يجعل الجماعة الإسلامية- مع ما هى عليه من قلة عدد يومئذ- فى وجه حرب متصلة، مع قبائل العرب جميعا، حيث كان فى كل قبيلة فرد أو أفراد من الذين آمنوا، واستجابوا لله وللرسول.. وكان وضع هؤلاء الأفراد فى أقوامهم محفوفا بالمكاره، متصلّا بالضرّ والأذى، فلو دخلوا فى ذمة المسلمين لكان على المهاجرين والأنصار، نصرهم ودفع الضر عنهم.
وفى قوله تعالى:«وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ» .. هو بيان للحال التي يجب على جماعة المسلمين أن ينتصروا فيها لمن يستنصر بهم من المؤمنين الذين لم يهاجروا، وتلك الحال هى أن يكون استنصار المستنصرين بهم من أجل الدّين، ولحساب الدّين، لا لعصبية نسب أو قرابة أو حلف.
ومعنى الاستنصار فى الدين أن يجد هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا، فرصة سانحة لنصرة الدين، فى مواطنهم التي هم فيها، كأن تجد تلك الجماعة التي لم تهاجر، قدرة على دفع عدوان المعتدين عليها ولكنها تحتاج إلى مساندة عدد من المسلمين- عندئذ يجب على الجماعة الإسلامية أن تناصرها وتشدّ ظهرها بالرجال والسلاح.. ففى هذا انتصار لدعوة الإسلام، وتمكين لها فى هذا الموطن الجديد..
هذا، وقد ذهب أكثر المفسّرين أن الولاية هنا هى التوارث بينهم، وقالوا: إن المهاجرين والأنصار كانوا يتوارثون بالهجرة والنصرة، جاعلين